رواية شاى مُر للكاتبة ايمان العطيفى همسات جنوبية

رواية ( شاى مُر )
١–
سالب صفر
الإضاءة خافتة جداا جداا،أعمدة الإنار على مسافة ليست قريبة من المكان القابع تحت جدار الجبل والذى لم يعلم شىء عن الكهرباء الا من زمن قريب،برغم قدم تلك البيوت ، فعمرها من عمر القرية المجاورة والمأهولة بالسكان والمدرسة والمشفى وكل ماهو حى،لم تحظى تلك المساكن بحظ التنسيق الهندسى ،لم يهتم اهلها بتنظيمها أو إنارتها أو تزيينها بأى شكل،كل البيوت دور ارضى، لها باب حديد بترباس وقفل كبير خوفا من اللصوص الليلية،وأمام كل بيت شجرة وارفة حقا ،ولكنها غير مثمرة،الشوارع بين تلك المنازل ممتدة الطول ، ولا يتعدى عرضها مترا واحدا،وأوراق الشجر المتناثرة فى كل الفصول على الأرض الترابية،تحدث خشخشة غير محبوبة اطلاقا ،تثير مخاوف المارة.الهدوء والصمت من سمات السكان جميعا.
الحارس الضخم ،والذى لا يظهر الا ليلا فقط ويختفى قبل بزوغ الفجر ،لا يملك الا كوخا مفزعا بين شجرتين،ومن حين لأخر تراه مارا فى شوارعهم الضيقة بقنديلة القديم وكأنه قادم من العصور الوسطى،معطفة المنسدل فوق جلبابة دائما رث مفتق فى أكثر من مكان،ليس ل “ليلى” مفر من المرور بهذا المكان كل ليلة وهى عائدة من مكان ما، تظهر “ليلى”من بعيد كشبح فار من الجحيم ،يرعبها المكان بإطلالتة الصامتة،تسرع خطاها محاولة،قطع الطريق المخيف،لوريقات الشجر تحت اقدامها خربشات تفزعها،تجرى محاولة الوصول ،تسمع أصوات لتحطم جماجم تحت أقدامها،ويلف المكان دخان رمادى أسود،تسرع فزعة تحاول الصراخ دون جدوى ،كلما سارعت خطاها ،إمتد الطريق أمامها لتكتشف انها عادت لنفس نقطة البدء،تشعر بأيدى كثيرة تحيطها من كل جانب،تحاول لمس جسدها البض ،تحاول تحاشيها جاهدة بلا جدوى،يتمزق ردائها ،تقع الطرحة من فوق رأسها،تتلمسها الأيدى من كل اتجاه، لا يسعفها صراخها،ولا هرولتها المضنية،تتمكن الأيدى أخيرا من إسقاطها أرضا،صوت إرتطام رأسها بالأرض يوقظ الأموات من حولها،تراه واقفا فوقها لا يحول بينهما شىء ،يمد يدة ممزقا ما تبقى من ملابسها،يخرج صوتها لأول مرة ،بقوة تزلزل الأرض وهى تصرخ ، لااااااااااااااا
لتسمع طرقعة لباب مصاحبة لصرخة مبحوحة مختنقة ،مع امتداد سريع لأصابع تتحسس مصباح الإضاءة ، وأم تهرول باتجاهها
– ليلى …ليلى
– تحضن ابنتها فى رفق مملوء بالشجن ،مع امتزاج دموعهما
انتظرونا مع ليلى
و
الحرام..لك
(شاى مر)
ايمان العطيفى همسات جنوبيه
– –