زمن الماضي الجميل ,,,,,,,, زكريا أحمد بديع خيري يوسف القاضي
وكان في طريقه إلى معهد الموسيقى الشرقي ( معهد الموسيقى العربية الآن )
وسأله زكريا ماذا ستصنع هناك؟ وقال سيد درويش: لقد اتصل بي مصطفى بك رضا، وطلب أن أنضم إلى المعهد.
وقال الشيخ زكريا مصطفى بك رجل طيب ولكن
وقال الشيخ سيد: ماذا تعني ؟
الشيخ زكريا: أعضاء المعهد لا يعترفون بموسيقاك
ومصطفى رضا أيضًا لا يعترف بها.
وصاح سيد درويش إذن سأذهب إليهم وأتحداهم.
الشيخ زكريا : سأجيء معك.
الشيخ سيد : دعني وحدي.
وانطلق سيد درويش بأقصى سرعته حتى وصل إلى المعهد وحده وهناك استقبل المعهد لأول مرة شابا شعره مبعثر نافر غزير خشن متمرد على كل تسريحة جبهته عريضة
وكان قوامه فارعًا طويلًا، عريض المنكبين رحب الصدر،
ودخل الشيخ سيد مكتب مصطفى بك رضا فاستقبله مصطفى بك بالترحاب هو ومن معه، ودار الحديث عن الموسيقى وتطورها.
وقال مصطفى رضا : إذا كان التجديد هو تقليد
الموسيقى الغربية فما أسهله
وثار الشيخ سيد ورد عليه : إنني لا أقلد أحدًا، إنني
أعزف مشاعري، أعبر عن انفعالي بأنغام لها وجود وهدف
وسأله مصطفى رضا : هل سمعت شيئا من الموسيقى الغربية ؟
وقال الشيخ سيد : سمعت.
وأخذ مصطفى رضا يعزف على القانون لحنا من أوبريت «كارمن» للموسيقار « بيزيه»، وقال للشيخ سيد ما الفرق بين هذه الموسيقى وبين موسيقاك ؟
فقال الشيخ سيد هذه موسيقى «بيزيه»، أما موسيقاي فهي موسیقی سید درویش.
فضحك مصطفى رضا،
وفي هذه اللحظة كان الساعي يضع أمام الشيخ سيد فنجان قهوة فتناول سيد درويش الفنجان بیده ورمی به فوق المائدة احتجاجا على سخرية مصطفى رضا به وقعت القهوة الساخنة على ركبة فتى صغير، كان يجلس
بجوار مصطفى رضا فصرخ من الألم.
وكان هذا الفتى هو محمد عبد الوهاب !!
وغادر الشيخ سيد معهد الموسيقى الشرقي غاضبًا، وجرى خلفه محمد عبد الوهاب حتى لحق به وأخذ يسترضيه، وأقبل مصطفى رضا وحسن أنور وبعض أصدقاء المعهد، ووقفوا مع الشيخ سيد واعتذروا له
وعادوا به إلى المعهد ليناقشوه في هدوء.
ولم تجد المناقشة
قال لهم الشيخ سيد: أنتم تعيشون في الماضي، وتنظرون إلى الوراء، وأنا أعيش عصري وأنظر إلى المستقبل.
وكانت الساعة قد أشرفت على العاشرة مساء، فاستأذن الشيخ سيد في الانصراف، وذهب إلى مقهى في ميدان الأوبرا، ووجد الشيخ زكريا في انتظاره،
فقال له : قم بنا نذهب إلى مسرح الأوبرا لنسمع أوبريت «كارمن»، ولما وصلا إلى باب المسرح وجدا المقاعد مشغولة كلها فعاد إلى المقهى، وتلفت الشيخ زكريا فوجد سيد درويش يرهف أذنه، وهو في حالة إصغاء تام.
فسأله : ماذا تصنع ؟
فقال : أحاول أن أسمع، ثم قال : آه! هذه هي الموسيقى
إن الموسيقى ليست موهبة فقط، إنها موهبة وعلم، لا بد من أن أتعلم الموسيقى
سأسافر إلى إيطاليا في العام القادم
سأتلقى فن الموسيقى في بلد الموسيقى وأساتذة الموسيقى،
وأخذ يبكي وينتحب.
زر الذهاب إلى الأعلى