منوعات

الإمام “ورش” .. المصري صاحب ثاني أشهر قراءات القرآن الكريم

الإمام "ورش" .. المصري صاحب ثاني أشهر قراءات القرآن الكريم

الإمام “ورش” .. المصري صاحب ثاني أشهر قراءات القرآن الكريم

 

فقد نبغ من أهل المصر الكثير من العلماء في علوم القرآن والحديث والفقه والأصول واللغة وغيرها من العلوم التي لا يستغني عنها.

ومن هؤلاء المصريين النوابغ الذين من الله عليهم بأن سخرهم لخدمة القرآن الكريم، الإمام ورش صاحب ثاني أشهر راوية لقراءة القرآن الكريم بعد قراءة حفص عن عاصم، وأحد القرآت العشر للقرآن، ورغم أنه مصري وولد ودفن في مصر إلا أن رواية قراءته تشتهر بشدة أكثر في منطقة شمال إفريقيا وغربها (المغرب العربي) وفي الأندلس.

والإمام “ورش” اسمه أبو سعيد عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان، ولد في صعيد مصر (الوجه القبلي) سنة 110 هجريًا، و رحل إلى شيخه الإمام نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم تلميذ الإمام مالك في المدينة المنورة ليتلقى عنه قراءة القرآن وختم عليه القرآن الكريم عدة مرات عام 155 هجريًا، وعاد إلى مصر، و انتهت إليه رئاسة الإقراء بالديار المصرية في زمانه.

وكان “ورش” أشقر الشعر وأبيض البشرة وأزرق العينين، قصيرا ذا كدنة هو إلى السمن أقرب منه إلى النحافة، فقيل: إن شيخه الإمام نافعا لقبه بالورشان، لأنه كان على قصره يلبس ثيابًا قصارًا وكان إذا مشى بدت رجلاه، وكان الإمام نافع يقول: “هات يا ورشان! واقرأ يا ورشان! وأين الورشان؟”، ثم خفف الاسم فقيل: ورش، والورشان: هو طائر معروف وقيل: إن الورش شيء يصنع من اللبن لقب به لبياضه، ولزمه ذلك حتى صار لا يعرف إلا به ولم يكن فيما قيل أحب إليه منه فيقول: “أستـاذي سماني به”.

وكان “ورش” ثقة حجة في قراءة القرآن الكرم، قال عنه الإمام ابن الجزري: “وروينا عن يونس بن عبد الأعلى قال: حدثنا ورش وكان جيد القراءة حسن الصوت، إذا قرأ يهمز ويمد ويشدد ويبين الإعراب لا يمله سامعه”.

وقال عنه الإمام النحاس: “قال لي أبو يعقوب الأزرق: إن ورشًا لما تعمق في النحو وأحكمه اتخذ لنفسه مقرأ يسـمى مقرأ ورش”.

وقد قال الإمام مالك عن قراءة نافع شيخ ورش: “قراءة أهل المدينة سنة، قيل له: قراءة نافع؟ قال نعم”. وحينما سئل عن حكم الجهر بالبسملة أثناء الصلاة قال: “سلوا نافعا فكل علم يسأل عنه أهله، ونافع إمام الناس في القراءة”.

حدثني «ورش» قال: خرجت من مصر لأقرأ على «نافع»

فلما وصلت إلى المدينة المنورة صرت إلى مسجد «نافع» فإذا هو لا تطاق القراءة عليه من كثرتهم، وإنما يقرئ ثلاثين، فجلست خلف الحلقة، وقلت لإنسان من أكبر الناس عند «نافع»؟ فقال لي: كبير الجعفريين، فقلت: كيف به، قال: أنا أجيء معك إلى منزله، وجئنا إلى منزله فخرج شيخ، فقلت: أنا من «مصر» جئت لأقرأ على «نافع» فلم أصل إليه وأنا أريد أن تكون الوسيلة إليه

فقال: نعم وكرامة، وأخذ طيلسانه ومضى معنا إلى «نافع» وكان لنافع كنيتان: «أبو رويم، وأبو عبد الله» فبأيّهما نودي أجاب، فقال له الجعفري: هذا وسيلتي إليك جاء من «مصر» ليس معه تجارة، وإنما جاء للقراءة خاصّة، فقال: أي «نافع»: ترى ما ألقى من أبناء المهاجرين والأنصار، فقال صديقه الجعفري: تحتال له، فقال لي «نافع» أيمكنك أن تبيت في المسجد؟ قلت: نعم، فبتّ في المسجد، فلما أن كان الفجر جاء «نافع» فقال: ما فعل الغريب؟ فقلت: ها أنا رحمك الله، قال: أنت أولى بالقراءة.

قال أي «ورش»: وكنت مع ذلك حسن الصوت مدّادا به، فاستفتحت فملأ صوتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأت ثلاثين آية، فأشار بيده أن اسكت، فسكتّ، فقام إليه شابّ من الحلقة فقال: يا معلّم أعزّك الله نحن معك وهذا رجل غريب، وإنما رحل للقراءة عليك وقد جعلت له عشرا، واقتصرت على عشرين، أي تنازلت له عن عشر آيات من المقدار المخصّص لي وسأكتفي بقراءة عشرين آية فقط. ولعلّ السبب في ذلك هو حسن قراءة «ورش» وجمال صوته.

يقول «ورش» قرأت عشر آيات فقام فتى آخر فقال كقول صاحبه، فقرأت عشر آيات، وقعدت حتى لم يبق أحد ممن له قراءة.

فقال «نافع»: «اقرأ فأقرأني خمسين آية، فما زلت أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى قرأت عليه ختمتان قبل أن أخرج من المدينة المنورة» ذكره صاحب معجم حفاظ القرآن 1/606

قال ابن الجزري في النشر: وَتُوُفِّيَ وَرْشٌ بِمِصْرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ، رَحَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَقْرَأَ عَلَى نَافِعٍ فَقَرَأَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ خَتَمَاتٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَرَجَعَ إِلَى مِصْرَ فَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْإِقْرَاءِ بِهَا فَلَمْ يُنَازِعْهُ فِيهَا مُنَازِعٌ مَعَ بَرَاعَتِهِ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَمَعْرِفَتِهِ فِي التَّجْوِيدِ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ قَالَ: يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى كَانَ وَرْشٌ جَيِّدَ الْقِرَاءَةِ حَسَنَ الصَّوْتِ، إِذْ يَهْمِزُ وَيَمُدُّ وَيُشَدِّدُ وَيُبَيِّنُ الْإِعْرَابَ لَا يَمَلُّهُ سَامِعُهُ.

وصارت رواية ورش عن نافع تبعا للمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، والتصوف السني الصحيح في بلاد المغرب العربي.

وَقَرَأَ أَبُو يَعْقُوبَ الْأَزْرَقُ وَسُلَيْمَانُ الرِّشْدِينِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَكِّيُّ وَعَامِرٌ الْحَرَسِيُّ وَالْأَسْودُ اللَّوْنِ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي طَيْبَةَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ الْعُتَقِيُّ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيِّ مَوْلَاهُمُ الْقِبْطِيِّ الْمِصْرِيِّ الْمُلَقَّبِ بِوَرْشٍ، (فَهَذِهِ) إِحْدَى وَسِتُّونَ طَرِيقًا لِوَرْشٍ

وَقَرَأَ قَالُونُ وَوَرْشٌ عَلَى إِمَامِ الْمَدِينَةِ وَمُقْرِئِهَا أَبِي رُوَيْمٍ، وَيُقَالُ أَبُو الْحَسَنِ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ اللَّيْثِيُّ مَوْلَاهُمُ الْمَدَنِيُّ، (فَذَلِكَ) مِائَةٌ وَأَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ طَرِيقًا عَنْ نَافِعٍ

وتوفي الإمام “ورش” رحمه الله في مصر سنة 197 هجريًا، ودفن في مقبرة القرافة الصغرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى