نقوش فوق سبائك الذهب
بقلم ٠٠٠ محمد ابراهيم الشقيفي
الأصعب من الفكرة المطروحة ، هو الوصول الحتمي ، إلى كيفية إيجاد مخرج لفظي ، ينتج عن ثمار لسان الأدب ، التي تأخذ بطرف كل ثوب ، لكي يصنع حياكتها ، ويصيغ حبكتها ، تمهيداً لوضع حجر الأساس ، لقيم النشء المفقودة ، بعبارات تنقش فوق سبائك الذهب.
لقد تطلب الأمر بعد المحاولات الهجومية الضاربة نحو معقل الطفل ، والتي تمثل خطراً حقيقياً على عقله ، من إيجاد مخرج آمن يطهر به فكره وهو ينهل من نهر المعرفة ، على يد من يهتم به منذ المهد لتنمية كفاءات إبداعه ، المجتمع فى أمس الحاجة إلى التكاتف عبر بوابة قنوات متخصصة ، تملك من الآليات ما يناسب الطفل ، دون إتباع معادلات التعقيد والإرهاب فى التخطيط ، بكل بساطة فإن الطفل الذي يمشي فوق الغام الفكر العطب ، يتعرض فيه لكافة أشكال الاساءات ، ولا يجيب عليه أحد ، عند اشتداد حرارة التساؤلات ، فإنه يحتاج إلى التزود تدريجياً بالمعرفة ، عبر فئة متخصصة فى أدب وثقافة الطفل.
وفى الآونة الأخيرة ، على مدار أربع عقود ، قد بزغ ضوءا لنجم لم ينطفىء رغم دوامة اللامعقول ، همسات دافئة ، من إبداعات الكاتبة والروائية الأستاذة/ سعدية إبراهيم العادلي ، التي جعلت الساحة الطفولية ثرية بالثروة الأدبية ، لقد ساهمت المتخصصة فى دراسة الإخراج المسرحي بمعهد الفنون المسرحية بأكاديمية الفنون ، فى تشكل وجدان الطفل عبر قصص خيالية ومسرحيات ذات عمق ، محاكاتها تمتد عبر أسلوب مرهف الاحساس ، يخاطب العقل منذ نعومة الفكر.
لقد كرست عضو إتحاد الكتاب الدكتوره سعدية العادلي حياتها لتطوير وسائل تربية الطفل من أجل تعزيز سمات الشخصية ونموها وهى فى مقتبل العمر ،
إنها صاحبة رواية سلوان ، الحاصلة على ليسانس الآداب والتربية جامعة الزقازيق ، أقل ما يقال عن إمرأة شغفت بحب الطفل واهتمت بادابه ، أنها قارورة العطر التي امتزجت بماء النيل ،فمنذ أن كانت نائباً لرئيس شعبة أدب الطفل باتحاد الكتاب ، وهى لم تتواني ولم تتراجع عن دورها الريادي ، لكي يشتد ساعد أدب الطفل ، ويرتقي بفكر الأدباء.
إن صاحبة شهادة التقدير ، بمناسبة المشاركة في فعاليات مهرجان الطفولة عن مسرحية الأرنب والأسد عام 1989 ، قد غيرت وجهة الانشطار الناتج عن المشاهد الرديئة ، تحت شعار جرأة الفن ، فغيرت قبلة الثقافة ، بقبلة مسرحية على جبين الإنسانية ، فقدمت على خشبة المسرح نصوصاً أدبية ذات صبغة احترافية ، مثل شذى الماضي ، ومن أجل قلب سليم ، خاطبت والطفل معا ، لإرساء نبل القيم ، بكل بساطة تبنت أعمالها فكرة الاحترام ، ونبذ التدني فى الخلق ، ومن ثم كراهية العنف والاجرام ، وأظهرت المهن بما يليق بها ، فصدر لها كتاب الكناس المحترم ، بل أظهرت قيمة الاحساس بالمسؤولية تجاه الوطن ، و هي تتناول مرحلة تاريخية هامة ، كانت قصة الشعب المحترم علامة فارقة ، تؤرخ فيها الأحداث تحت عنوان أدب الطفل.
لابد أن نأخذ من رحيق الورد شيئاً ، خاصةً وأن صاحبة رواية خلف قضبان الحياة ، الحاصلة على الدكتوراه المهنية عن دور المسرح في المشاكل المجتمعية والتربوية ، قد شغفها حبا التمكن فى رفع كفاءة الطاقة الاستيعابية لنشاط العقل ، لدي الطفل وهو ينصت لما يقرأ له من قصص ، يؤنس وحشه الشعور بالتوحد ، أرادت صاحبة حديثي اليمامة والزهور ، من خلال نصوصها الأدبية المتكاملة أن ترسي عجينة غير مهجنة لمبادىء اللبنة الأولى للمجتمع ، لقد سكل اهتمامها بالمرأة ، عبر موسوعتها نساء عربيات مبدعات ، درع كافياً ليواجه مع الطفل كافة التحديات ، وهو فى طور النمو الأولى .
الروائية سعدية العادلي عضو جمعية كاتبات مصر ، هى صاحبة المركز الأول على مستوى دولة الإمارات فى مجال النصوص المسرحية عام 1988 ، ساهمت مبادرتها فى تزويد الوعي المعرفي والسلوكي عند الطفل ، أنشأت مسابقة سعدية للطفل ، لم تشغلها
عن دورها الريادي ، فقد استوجب الأمر عليها الرعاية المزدوجة، عبر إحساسها بالمسؤولية كونها ، رئيس الثقافة والفنون والأدب بالاتحاد العربي للتضامن الإجتماعي ، التابع لجامعة الدول العربية ، اتخذت من منصبها ذريعة لتكوين صورة ذهنية صافية للطفل غير مركبة ، للمساهمة في بناء الكيان الأهم ألا وهو العنصر البشري ولبنة الكون .
لقد تلاشت الكثير من القيم ، فى ظل افتقار بعض البشر للمبادىء ، فاستوجب الحال التعليم فى الصغر ، كما تنقش العبارات الدلالية على سبائك الذهب .
إن عضو لجنة الحكماء ، والرئيس الشرفي لمنتدى الأصالة والمعاصرة ، قد تحلت بخلق الأدباء والكتاب العرب ، اجادة فى فن النظم والنثر القصصي ، وأخذت من طرف كل ثوب ثقافي ، مقبض يد تمكنها من إعداد تشكيلة لغوية واسعة ، شملت كل أدب الأطفال ، سواء القصص المؤلفة بشكل خاص يناسب ذوق الأطفال ، أو قصص تشجع على الفضيلة ، لايمانها أن ذلك الأمر ، يلعب دوراً هاماً في النمو اللغوي والعاطفي والفكري للقراء الناشئين ، فضلاً عن الاستكشاف المبكر ، وغرس روح التسامح ، وسرعة البديهة لدى الطفل ، لم تهتم بالخيال على حساب الواقع ، بل جعلت صاحبة المجموعة القصصية ( غفوة ) الوجهين متقابلين فى موقع المواجهة ، ونتيجة لدورها البارز ، فقد كرمتها وزيرة الخدمة الإجتماعية الدكتورة/ عائشة السيار عام 1988 ، واعطتها درع المسرح المدرسي في يوم المستقبل بدولة الإمارات ، الأمر لا يقف عند هذا الحد من العطاء ، ولا نحن بصدد سرد الروائع ،من حياة أديبة قد كرمت من دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة ومن بلدة إمارة أبوظبي ، بقدر ما نحن نريد إلقاء الضوء على الحقائق ، وعلى اصحاب الأقلام التي تعج ، بأدب الحوار مع الطفل ، والتي أشارت إليها أقلام العلماء في أبحاث منفصلة ، حول أدب الدكتوره سعدية العادلي ، ومن أبرزها بحثاً علمياً عن خصائص أدب الطفل عند الكاتبة ، قدمته الدكتوره أميمه جادو ، الأستاذة بمعهد بحوث أدب الطفل.
ليشهد لها أهل المعارف والمهارات الأدبية ، أنها كونت إمبراطورية ، سلحتها بكل انواع الذخيرة غير الحية بالمفهوم القتالي ، من أجل بقاء أدب الطفل حي ، فى دائرة محاكاة العقل ، دون المساس بعذرية الثقافات المختلفة.
الكاتب/ محمد ابراهيم الشقيفي
زر الذهاب إلى الأعلى