نفحات اليسر .. من كتاب جعبة الظلام
بقلم …محمد ابراهيم الشقيفي
لولا وجود العسر فى دروب سنوات العمر العجاف ، ما احتضن انين الصبر ، نفحات اليسر ، وظهرت علينا ملامح الطهر و العفاف ، واصاب قهر القرح زبد يعلوه ريم الشفاء ، و استجاب حنين القدر إلى نبض نفس عليلة تنوح بحصرة البكاء ، هذا حال اليائس بعد نوبات الرجاء ، فما بال الود والروح عاكفة فى خلوة وحدتها ، و كيف يكون حال إخلاص الحب التقي ، والقلب العامر مغمور بكأس الرضا ، يتأوه قرب مناجاة نفحات ربه ، يدعوه أن يرفع عن صدور ضاق بها العيش ، لعنة الخوف فى قاع الغفلة و درك الشقاء .
أيقنت أن نفحات اليسر ، قرب الحلقوم ساكنة ، فلا تبتأس و تأمل في ملكوت الفضاء ، قبل الإقدام على شىء تخشاه ، ترجل قبل الهرولة و لا تكن عجول ، فإن الأمر محسوم ، سعيك الدؤب علامة على تحقيق الحلم ، زد إلى علمك مسألة ، أن القادم لا محال آت بالتفاؤل ، تستظل بغصن سحابة فى كبد السماء ، تسقط غيث قطر الرجاء فوق الجبين و بين شحم أذنيك ، بلا ريب يهديك العالم ضوء أخضر .
جعبة ظلام فى ليل السجين ، لو تخللها أمل رؤية لحظات الشروق ، فإن الشمس يتسلل شعاعها عنوة واقتدار إلى جدار العتمة ، وتهطل فوق عطب الجرح ، نفحات اليسر وعلامات الرحمة ، فلا مفر من المصير ، لكن هناك ألف بديل ، وعلى ذلك الصبر شاهد ، و هناك ألف دليل ودليل ، ما علينا سوي التنفس ببطء ، حتي نتمكن من الفوز في السباق ، واستعادة التمركز فى دائرة المقاومة .
نفحات اليسر ملاك يلوذ بنا ، عن قرين يوسس بالبعد عن متاع الدنيا ، اقتنص سهام كل فرصة
دون انتهازية ، من غير أنانية ، واغلق المجال المغناطيسي ، أمام كل أداء غير مبتذل ، تماسك ثم أقف فوق قمة الجبل ، لا تنحني أمام جبروت العسر ، فإن الإذلال أقصر الطرق ، المؤدية إلى غابة أنياب الشوك ، فيها تستحل الدماء و تهلك النفس بعد الودء.
الفلسفة لاعيب فيها ، ومنطق الكلام لا ضير منه ، الأهم من ذلك بكثير ، أن ترتدي لباس الحكمة من غير اتساع ، وقت الشدائد العضال ، حتى تتمكن من الخروج إذا اشتد عليك إعصار الريح فى جوف غير لين ، كن حكيماً حتى تدرك تدشين صفحات اليسر ، لا تقف أمام الموت ، والسهام تشد بين أصابع من يملك القوس ، يحاول أن يفتك بك ، تحاول أن تتقمص دور الضحية ، ويدك ملطخة بتهمك القتل ، ثم تقف شريدا ، فلا مناص من غلبة العسر ، إن رفض العاقل النصح ، و مزق الطير المهاجر أوتار الرجاء .
